2024 فبراير 8

تعتبر نظرية موجة إليوت بمثابة أداة محورية في التحليل الفني، ولها تأثير كبير على التداول عبر الأسواق المالية. يستخدم العديد من المتداولين والمحللين مبادئ هذه النظرية للتنبؤ بتحركات أسعار السوق وتحديد نقاط الدخول والخروج المثالية في الصفقات. بناءً على هذه النظرية، تم تطوير مجموعة متنوعة من استراتيجيات التداول وأنظمة التداول الشاملة، مما أدى إلى تطبيق ناجح في أسواق الفوركس والأسهم والعملات المشفرة. إذن، ما هي نظرية موجة إليوت بالضبط، وكيف نشأت، وكيف يتم تطبيقها؟

من هو السيد إليوت؟

ولد رالف نيلسون إليوت في كانساس بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1871. وفي حين أن تفاصيل طفولته وتعليمه المبكر قليلة، فمن المعروف أنه بدأ حياته المهنية كمحاسب. في منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر، دخل رالف الشاب مجال المحاسبة، وعمل بشكل أساسي مع شركات السكك الحديدية في أمريكا الوسطى والمكسيك.

في عام 1903، تزوج إليوت من ماري إليزابيث فيتزباتريك، التي رافقته خلال فترة عمله الممتدة في المكسيك. أدت الاضطرابات المدنية في البلاد في النهاية إلى عودة الزوجين إلى الولايات المتحدة. في نهاية المطاف، استقرت عائلة إليوت في نيويورك، حيث بدأ رالف عملاً استشاريًا أثبت نجاحه الكبير.

في عام 1924، تم تعيين إليوت من قبل وزارة الخارجية الأمريكية رئيسًا للمحاسبين في نيكاراغوا، وهي دولة كانت تحت السيطرة الأمريكية آنذاك. وبعد فترة وجيزة، قام بتأليف كتابين بناءً على خبرته المهنية: "إدارة غرفة الشاي والكافتيريا" و"مستقبل أمريكا اللاتينية".

نظرية موجة إليوت وأثرها على التداول في الأسواق المالية1

نشأة نظرية موجة إليوت

طوال معظم حياته المهنية، كان إليوت يعمل في مجال المحاسبة والإدارة المالية. ارتكز عمله في هذا المجال على دراسة دقيقة وتحليل لقواعد بيانات واسعة النطاق، والتي ساعدته لاحقًا في أبحاثه حول سوق الأوراق المالية. ظهر اهتمامه بسوق الأوراق المالية في أوائل الثلاثينيات. بعد مرضه وتراجعه عن الحياة المهنية النشطة، أمضى إليوت ساعات وأيامًا في دراسة أسعار الأسهم ومؤشرات السوق. قام بتحليل وتنظيم 75 عامًا من بيانات السوق، بما في ذلك الرسوم البيانية بفواصل زمنية تتراوح من أسعار نصف ساعة إلى الأسعار السنوية.

اكتشف إليوت أن تحركات أسعار السوق لم تكن عشوائية وتتبع أنماطًا أو "موجات" معينة. وفي عام 1938، نشر بالتعاون مع تشارلز ج. كولينز كتابه الثالث بعنوان "مبدأ الموجة"، والذي تناول بالتفصيل ملاحظاته ونظرياته حول سلوك السوق. في هذا العمل، افترض إليوت أنه على الرغم من أن أسعار سوق الأسهم قد تبدو عشوائية وغير متوقعة، إلا أنها تتبع في الواقع قوانين محددة ويمكن قياسها والتنبؤ بها باستخدام أرقام فيبوناتشي. وقدم مفهوم أن أسعار السوق تتحرك في دورات متكررة، والتي أطلق عليها اسم "الموجات". بعد فترة وجيزة من نشر كتاب "مبدأ الموجة"، كلفت مجلة "العالم المالي" إليوت بكتابة سلسلة من اثني عشر مقالاً تصف أسلوبه في التنبؤ بالسوق.

تجدر الإشارة إلى أن نظرية موجة إليوت لم تجتذب الكثير من الاهتمام خلال حياته. ومع ذلك، طوال الأربعينيات من القرن العشرين، استمر في تحسين نظريته والترويج لها، ونشر العديد من المقالات والكتب الإضافية لتطوير أفكاره. في عام 1946، أصدر إليوت كتابه الأخير "قانون الطبيعة - سر الكون"، حيث حاول إثبات أن نظرية الموجة الخاصة به لا تنطبق على أسواق الأسهم فحسب، بل على مجالات أخرى من الحياة أيضًا. توفي رالف نيلسون إليوت في عام 1948. وعلى الرغم من أن نظريته لا تزال موضع نقاش ومعارضة، إلا أنها تظل واحدة من المفاهيم الأساسية في التحليل الفني وتستمر في التأثير على التداول في الأسواق المالية حتى يومنا هذا.

المبادئ الأساسية لنظرية الموجة

1- البنية الموجية: حدد إليوت أن أسعار السوق تتحرك في هياكل خماسية الموجات في اتجاه الاتجاه الرئيسي (موجات دافعة)، تليها هياكل ثلاثية الموجات ضد الاتجاه (موجات تصحيحية).

2-  الموجات الاندفاعية والموجات التصحيحية: ضمن الاتجاه الرئيسي، يتم تمييز الموجات الاندفاعية بالأرقام من 1 إلى 5، بينما تتم الإشارة إلى الموجات التصحيحية بالأحرف A وB وC. تدفع الموجات الاندفاعية السوق لأعلى أو لأسفل، في حين أن الموجات التصحيحية تمثل حركات عكسية مؤقتة.

3- الكسورية: تشير نظرية الموجة إلى أن الموجات ذات طبيعة كسورية، مما يعني أن كل موجة يمكن تقسيمها إلى موجات أصغر تتبع نفس النمط الهيكلي.

4-  فيبوناتشي: اكتشف إليوت أن الموجات غالبًا ما ترتبط ببعضها البعض في الحجم وفقًا لتسلسل فيبوناتشي. على سبيل المثال، يصل الارتداد بعد التصحيح غالبًا إلى 61.8% من الحركة السابقة.

5- سيكولوجية السوق: تعكس نظرية الموجة النفسية الجماعية للمشاركين في السوق. تعكس الموجات الاندفاعية التفاؤل والرغبة في الاستثمار، بينما تعكس الموجات التصحيحية عدم اليقين والرغبة في تأمين الأرباح.

مزيد من البحث والتطوير لنظرية إليوت

العلم لا يقف ساكنا. مع مرور الوقت، ساهم العديد من المحللين والمتداولين في تطوير نظرية موجة إليوت، وتكييف مبادئها مع ظروف السوق الحديثة. لقد قاموا بتطوير العديد من الاختلافات والإضافات إليه، بما في ذلك المؤشرات والخوارزميات المختلفة لتحسين دقة التنبؤات. دعونا ندرج بعض الشخصيات الرئيسية التي قدمت أبرز المساهمات في هذه العملية:

– روبرت بريشتر: أحد أشهر دعاة النظرية الموجية، بدأ تطبيقها ونشرها في السبعينيات. وقد كتب العديد من الكتب حول هذا الموضوع، بما في ذلك "مبدأ موجة إليوت: مفتاح سلوك السوق"، الذي نشر في عام 1978 بالتعاون مع أ.ج. الصقيع. أدى بريشتر إلى زيادة الوعي بهذه النظرية بشكل ملحوظ بين المتداولين والمحللين.

- أ.ج. فروست: محلل كندي شارك في تأليف كتاب "مبدأ موجة إليوت" مع روبرت بريشتر. يعتبر هذا الكتاب أحد أكثر الأعمال موثوقية في نظرية الموجات وقد ساهم بشكل كبير في نشره والاعتراف به.

- جلين نيلي: طور أفكار إليوت وقام بصياغة "مبادئ نيلي الموجية". أوضحت هذه المبادئ واستكملت نظرية إليوت الأصلية، خاصة فيما يتعلق بهياكل الموجات والنسب الزمنية.

– بيل ويليامز: تاجر ومؤلف كتب عن سيكولوجية التداول والتحليل الفني ونظرية الفوضى في التداول في الأسواق المالية. قام ويليامز بدمج مفاهيم نظرية الموجة في نظام التحليل الخاص به وقام بتطوير أساليب تساعد المتداولين على التعرف والتداول وفقًا لأنماط موجات إليوت. تم تضمين ستة من المؤشرات الفنية التي أنشأها ويليامز في المجموعة القياسية لمحطة MetaTrader-4.

- بيتر براندت: متداول محترف يتمتع بخبرة واسعة، ويُشار إليه غالبًا باسم "أسطورة وول ستريت". كثيرا ما يستخدم براندت مبادئ نظرية إليوت في استراتيجيات التداول الخاصة به. في كتابه "يوميات تاجر السلع المهنية"، يناقش، من بين أمور أخرى، تطبيق نظرية الموجة في التداول العملي.

- ستيف نيسون: معروف كخبير في الرسوم البيانية بالشموع اليابانية، وقد ساهم أيضًا بشكل كبير في نشر نظرية موجة إليوت، حيث جمعها مع تحليل الشموع لتحديد أكثر دقة لنقاط الدخول والخروج في السوق.

***

تقدم نظرية موجات إليوت منظورًا فريدًا لسلوك السوق. ومع ذلك، فقد تعرض لانتقادات متكررة بسبب ذاتيته وصعوبة تطبيقه. يتطلب إتقانها الكثير من الوقت والجهد والممارسة الطويلة. تكمن التحديات الرئيسية في التحديد الدقيق للحظة التي تبدأ فيها موجة معينة وتنتهي، وكذلك في تقلب ظروف السوق، مما يجعل التوقعات أقل دقة. على الرغم من ذلك، تظل نظرية إليوت أداة رئيسية للعديد من المشاركين في السوق ومصدرًا قيمًا لأولئك الذين يسعون إلى فهم تحركات السوق والتنبؤ بها بشكل أفضل، أو تحديد انعكاسات الأسعار المحتملة، أو استمرار الاتجاهات. وكما قال روبرت بريشتر: "إن نظرية موجة إليوت ليست مجرد مجموعة من القواعد والمبادئ التوجيهية، بل هي منظور جديد لسلوك السوق".


« مقالات مفيدة
تابعنا (على مواقع التواصل الإجتماعى)